هيئة القضايا تدعي على أمين سلام: هدر واختلاس

كتبت فرح منصور في المدن:

لم تنته رحلة وزير الاقتصاد السابق أمين سلام داخل القضاء اللبناني، إذ يصحّ القول أنها بدأت للتو. وعلى الرغم من أن جلسة استجوابه الأخيرة أمام المدعي العام التمييزي القاضي جمال الحجار خالفت كل التوقعات بعد أن رفع عنه قرار منع السفر، وتُرك بسند إقامة، غير أن هيئة القضايا في وزارة العدل التي تمثل حق الدولة اللبنانيّة حرّكت المياه الراكدة وادعت على سلام بسلسلة من الجرائم.

الاختلاس وهدر المال العام
وحسب معلومات "المدن" فإن رئيس هيئة القضايا في وزارة العدل القاضي كلود غانم ادعى على سلام بجرائم التزوير، تبييض الأموال، هدر المال العام، والاختلاس، في الثاني من حزيران الجاري، وحوّله للنائب العام التمييزي لإجراء اللازم، وذلك بناءً لشكوى قدمت من وزارة الاقتصاد الممثلة بوزير الاقتصاد عامر البساط أمام هيئة القضايا في وزارة العدل.

تحوم الاتهامات وشبهات اختلاس وهدر المال العام حول سلام، الذي تعامل مع وزارة الاقتصاد كأنها جمعية عائلية خاصة. وكانت لجنة الاقتصاد النيابية قد جمعت ملفًا فيه الكثير من المستندات والمعطيات وقدمتها للنيابة العامة التمييزية، فاستمع الحجار لسلام مرتين، وفي المرة الأخيرة، خرج سلام مرتاحًا ومطمئنًا من جلسته التي طالت لأكثر من ساعتين، بعد أن اتخذ الحجار قرارًا بتركه بسند إقامة ورفع منع السفر عنه. وتوضح مصادر قضائية لـ"المدن" إلى أن الملف لم يقفل، بل سيستدعي الحجار أشخاصاً آخرين للتحقيق معهم ومن ثم يقرر إن كان سيحفظ الملف أو يحيله للنيابة العامة المالية لإجراء المقتضى. كما أن وزير الاقتصاد والتجارة عامر البساط أرسل كتابًا لهيئة الاستشارات في وزارة العدل طالبًا منهم الادعاء على سلام وشقيقه كريم، ومستشاره فادي تميم وإيلي عبود في المخالفات التي ارتكبوها في ملف شركات التأمين، وعلى هذا الأساس ادعت هيئة القضايا على سلام بعد الاطلاع على المستندات المقدمة. 

في جلسة استجوابه الأخيرة، أبرز سلام مستندات "تدحض" كل التهم المنسوبة إليه ودافع عن نفسه بمستندات ووثائق كثيرة تثبت زيف إخبار لجنة الاقتصاد. في المقابل، ووفقاً لحديث النائب فريد البستاني لـ"المدن" فإن الملف الذي قدم أمام النيابة العامة التمييزية يثبت تورط سلام.  فإن التقرير الذي أعدته لجنة الاقتصاد تضمن إفادات عدد من شركات التأمين التي تقول أنها تعرضت لإبتزاز من قبل سلام وشقيقه كريم (الذي لا يزال موقوفًا بملف شركات التأمين) بسحب ترخيصها إن لم تبادر لدفع مبالغ مالية لقاء دراسات إلزامية عبر شركات يملكها مستشار سلام فادي تميم الذي سيستدعى للاستجواب خلال الأيام المقبلة.

المسارات المتوقعة
عمليًا، بعد تحويل ادعاء هيئة القضايا للحجار، سيكون أمامه عدة خيارات: حفظ الشكوى في حال تبين له أن الادلة غير كافية، أو تحديد جلسة جديدة لسلام لاستجوابه مرة أخرى، وبالتالي من الممكن أن يتم توقيفه (في حال قرر الحجار ذلك)، أما الخيار الأخير هو إحالة الملف للنيابة العامة المالية والطلب منها إجراء اللازم وفي هذه الحالة النيابة العامة المالية تدعي على سلام وتفتح تحقيقًا موسعًا أو تحفظ الملف.

تشير مصادر قضائية لـ"المدن" إلى أن الحجار تسلّم الادعاء يوم أمس، وضمه إلى ملف الإخبار الذي قدم من لجنة الاقتصاد أمام النيابة العامة التمييزية، وخلال أيام تتضح الصورة ويتبين مصير سلام داخل القضاء اللبناني.

قضيتان متشابهتان
تعيدنا قضية الوزير سلام وشقيقه إلى قضية حاكم مصرف لبنان السابق رياض سلامة وشقيقه  رجا، وكأن روح سلامة في كل الملفات القضائية والشبهات التي تحول حول كل من يتسلم أي منصب في هذه الدولة. القضيتان متشابهتان إلى حدٍ ما. الرجلان توليا مناصب رفيعة في الدولة اللبنانيّة، وبعد فترة اتهما باختلاس المال العام وبسلسلة من الجرائم المالية، وبدأت ملاحقتهما القضائية. وربما، قد يكون مسار سلام القضائي شبيهًا بمسار سلامة القضائي، حين طلب الأخير لجلسة استجواب أمام الحجار، وبعد وصوله تم توقيفه ولا يزال موقوفًا حتى اليوم. لكن بين سلام وسلامة بعض الفروقات، وهي أن الجرائم التي اتهم بها سلامة نفذها خلال عقدين، أما الجرائم المتهم بها سلام هي نتيجة توليه أول منصب في الدولة اللبنانية ولمدة ثلاث سنوات فقط. 

هجوم سياسي
في حديث خاص مع المحامي سامر الحاج الوكيل القانوني لسلام، أوضح أن الحجار أجرى اليوم الثلاثاء 3 حزيران مواجهة بين الوزير السابق سلام ورئيس لجنة مراقبة هيئات الضمان السابق إيلي معلوف، والرئيس الحالي نديم حداد وتطابقت كل أقوالهم مع الأقوال التي قدمها سلام في الجلسة الأخيرة. ووصف الحاج جلسة المواجهة بالممتازة، لافتًا إلى أن المستندات التي أبرزها سلام أقنعت الحجار وهي تثبت براءته من كل ما يتهم به، وأن ما يتعرض له هو هجوم سياسي لأنه أجرى تدقيق جنائي في حسابات 6 شركات تأمين كانت معنية بدفع تعويضات مالية لضحايا انفجار المرفأ، وأن شركة المشرق لم تتعرض للإبتزاز، إذ كان لديها فجوة مالية آنذاك، وجرى تعليق ترخيصها بسبب عدم تأمين المبلغ المطلوب منها، مؤكدًا أن القضاء اللبناني سينصف سلام من كل ما يتعرض له.