المصدر: الانباء الكويتية
الكاتب: داود رمال
الخميس 26 أيلول 2024 00:30:25
حملت جولة الموفد الرئاسي الفرنسي جان إيف لودريان على القيادات اللبنانية الكثير من الترقب والأمل بأن تكون فرنسا قادرة على إعادة تحريك الجمود السياسي الحاصل في لبنان، وسط أزمات متعددة تعصف بالبلاد، بدءا من الفراغ الرئاسي المستمر، مرورا بالأزمة الاقتصادية الخانقة، وصولا إلى التوترات الإقليمية المتزايدة بسبب الحرب في غزة التي امتدت إلى لبنان.
«إلا أن النتائج جاءت دون التوقعات، لا بل صفرية»، على حد تعبير مرجع نيابي، بحيث بدا واضحا أن لودريان لم يأت بجديد، مما عمق إحباط اللبنانيين الذين كانوا يعتقدون أن هناك مبادرة فرنسية جديدة قد تكون قادرة على إحداث اختراق في الأزمات المتشابكة.
وقال المرجع لـ «الأنباء» إن لودريان «في خلال اجتماعاته مع المسؤولين اللبنانيين، لم يقدم أي طرح محدد، ولم يأت بأي مبادرة عملية لحل الأزمة اللبنانية. بل تحدث عن الموقف الفرنسي المعتاد الذي يدعو إلى احتواء التصعيد ومنع تفاقم الأوضاع. وعلى رغم حديثه عن جهود تبذلها فرنسا في العواصم الغربية من أجل تهدئة الأمور في لبنان والمنطقة، إلا أنه لم يقدم تفاصيل واضحة حول كيفية تحقيق ذلك أو ما هي الخطوات الفعلية التي يمكن أن تقوم بها فرنسا أو المجتمع الدولي في هذا الاتجاه».
وأضاف المرجع «ما أثار الاستياء هو أن زيارة لودريان بدت وكأنها تكرار للزيارات السابقة التي لم تفض إلى أي نتائج ملموسة. فبينما كان هناك أمل بأن التطورات الأخيرة، خصوصا الحرب على لبنان من قبل إسرائيل، قد دفعت إلى تعديل مهمته وجعلت من الضروري التركيز على سبل الحد من التوتر في لبنان وتقديم حلول عملية، إلا أن زيارته أظهرت أنه لم يكن مخولا بمناقشة الحرب في شكل تفصيلي. وبدلا من ذلك، اكتفى بطرح عناوين عامة دون الغوص في التفاصيل، ما جعل الزيارة تبدو للكثيرين مضيعة للوقت، ومجرد رقم يضاف إلى زياراته السابقة».
وأوضح المرجع ان «هذا الإحباط يعكس واقعا مريرا يعيشه لبنان، اذ باتت الأزمات المتراكمة بحاجة إلى تدخلات جادة وسريعة، بينما المجتمع الدولي يبدو منشغلا بقضايا أكبر وأكثر تعقيدا، وكان التعويل ان تشكل الحرب التي تشنها إسرائيل على لبنان، تغييرا في المقاربة الفرنسية لحل الازمات اللبنانية. الا ان فرنسا، التي تعد من أبرز الدول المهتمة بالملف اللبناني، لم تستطع حتى الآن تقديم أي حلول ملموسة».
واعتبر المرجع ان «زيارة لودريان جاءت في وقت يحتاج فيه لبنان إلى دعم دولي فاعل، خصوصا في ظل تصاعد المخاوف من احتمالات تحويل إسرائيل لبنان أو القسم الأكبر منه إلى غزة ثانية. لكن هذه الزيارة لم تضف شيئا جديدا، بل على العكس، عمقت الشعور بأن لبنان قد أصبح مهمشا في الأجندة الدولية، وأن أزماته لم تعد تحظى بالاهتمام الكافي من القوى الكبرى، التي تبدو منشغلة بقضايا أخرى، وتترقب نتائج الانتخابات الرئاسية الأميركية».
وأشار المرجع إلى انه «رغم محاولات لودريان وإيصال رسالة بأن المجتمع الدولي لا يزال يتابع الوضع في لبنان، إلا أن غياب أي حلول عملية أو مبادرات واضحة ترك الباب مفتوحا أمام المزيد من الغموض والتوتر. فالقوى السياسية اللبنانية باتت تدرك أن الحل لن يأتي من الخارج، وأن على اللبنانيين أنفسهم إيجاد آليات للخروج من أزمتهم. لكن في ظل حالة الانقسام السياسي والتباعد في وجهات النظر بين الأطراف الداخلية، يبقى السؤال حول مدى قدرة هذه القوى على التوصل إلى تسوية وطنية تعيد الاستقرار إلى البلاد».
واعتبر المرجع ان «زيارة لودريان ربما لم تكن سوى تذكير إضافي بأن الحلول للأزمة اللبنانية لاتزال بعيدة، وأن لبنان سيظل في حالة انتظار، وسط أجواء إقليمية ودولية مشحونة بالأزمات، والخشية من ان تؤدي نتائج الحرب إلى نقل الاهتمام إلى مسار آخر يبدأ بكيفية إعادة الاعمار. أما المجتمع الدولي، وعلى رأسه فرنسا، فقد يجد نفسه عاجزا عن تقديم أي مساعدة حقيقية في ظل تداخل الملفات وتعقيداتها، ما يضع المسؤولية الكبرى على عاتق الأطراف اللبنانية نفسها لإنقاذ بلدها قبل فوات الأوان».